لغز مثير.. قوة غامضة تحكم تحريك أسعار الذهب عالميًا والدولة الخفية التي تخزنه بصمت

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال عام 2025، حيث تجاوزت مستويات 4307 دولارات للأونصة الواحدة، مع زيادة تفوق 65% منذ بداية السنة، ما دفع الكثير من المستثمرين والباحثين إلى اعتبار «أسعار الذهب عالميًا» نقطة اهتمام رئيسية وسط التقلبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة.

أبرز التطورات في أسعار الذهب عالميًا وتأثيرها على الاقتصاد

يرتبط ارتفاع أسعار الذهب عالميًا بتزايد الطلب عليه كملاذ آمن في مواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي، إذ يتدفق المستثمرون نحو المعدن النفيس الذي يحمل قيمة تاريخية واقتصادية كبيرة؛ إذ تراكمت الكميات المستخرجة على مر العصور لتصل إلى حوالي 216,265 طنًا، منها أكثر من 85% استخرجت خلال الـ200 عام الماضية فقط، وفقًا لتقديرات الخبراء. ويشير مجلس الذهب العالمي إلى أن إجمالي ما تم استخراجه من الذهب يصل إلى 218,000 طن موجود فوق سطح الأرض، بالإضافة إلى احتياطيات مثبتة تصل إلى 64,000 طن واحتياطيات محتملة تتجاوز 132,000 طن، مما يعكس استمرار عمليات التنقيب رغم التحديات البيئية والتكنولوجية. وتوزيع هذا المعدن يظل غير متساوٍ بين سكان الأرض، إذ يبلغ متوسط نصيب الفرد أقل من 3 جرامات فقط.

ارتفعت أهمية صناعة الذهب التي تشكل حوالي 45% من إجمالي الكميات المستخرجة حتى عام 2021، حيث بلغت الكمية الإجمالية حوالي 212 ألف طن، بينما تمثل السبائك والعملات الاستثمارية نسبة 22% بما يزيد عن 47 ألف طن. بلغ إنتاج الذهب ذروته التاريخية مؤخرًا، حيث سجل عام 2024 نحو 3660 طنًا، نتيجة زيادة الاستثمارات في التنقيب بعد الارتفاعات السعرية المتتالية، حسب تقرير وكالة بلومبرغ.

دور الصين والدول الكبرى في تحديد أسعار الذهب عالميًا واستراتيجيات التخزين

تحتل الصين موقع الصدارة كأكبر منتج للذهب منذ عام 2007، بإنتاج يقارب 370 طنًا في 2024، ما يعادل نحو 10% من الإنتاج العالمي، رغم أن أعلى إنتاج لها كان عام 2016 مع 463 طنًا. تليها روسيا وأستراليا برصيد 310 أطنان لكل منهما، ثم كندا بـ200 طن، والولايات المتحدة بـ170 طناً. وفي مشهد متغير، خرجت جنوب أفريقيا، التي كانت تهيمن على السوق لأكثر من خمسة عقود بإنتاجها السنوي الذي يزيد عن 1000 طن، من قائمة أكبر عشرة منتجين، بسبب صعوبات جيولوجية واقتصادية حيث تراجع إنتاجها إلى 99 طنًا فقط.

تشير التقارير إلى أن تحركات أسعار الذهب عالميًا خلال عام 2025 لم تكن مجرد نتيجة العرض والطلب، بل بسبب تحركات هادئة من بنوك مركزية، وعلى رأسها الصين، التي تخزن كميات كبيرة سرًا كجزء من استراتيجية لتحوط أصولها وتقليل الاعتماد على الدولار. رغم إنتاج الصين الهائل، تستورد الكميات الإضافية كجزء من خطتها الاستثمارية، إلا أن احتياطات الذهب في بنكها المركزي لا تزال أقل نسبيًا مقارنة بحجم احتياطياتها المالية التي تتجاوز 3 تريليونات دولار، حسب بيانات وكالة بلومبرغ.

فيما يتعلق بالاحتياطيات لدى البنوك المركزية، يظل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الصدارة بحيازة تصل إلى 8133 طنًا، يليه البنك المركزي الألماني بـ3352 طنًا، ثم إيطاليا وفرنسا بــ2452 و2437 طنًا على التوالي. الصين تأتي في المرتبة الخامسة بحيازتها 2280 طنًا، وتليها روسيا. ولأول مرة منذ عقود، تجاوزت احتياطيات الذهب لديها قيمة سندات الخزانة الأمريكية، حيث أصبح الذهب يمثل 18% من الاحتياطيات العالمية في 2024، مما يعكس تحوّلًا في الثقة تجاه المعدن كأصل احتياطي.

توزيع إنتاج الذهب عالميًا وتركيز إفريقيا في الأسواق العالمية

تمتلك القارة الإفريقية حصة كبيرة في إنتاج الذهب العالمي، حيث تمثل حوالي ثلث الإنتاج السنوي، وقد وصلت في بعض السنوات إلى نصف الكمية المنتجة عالميًا، مسجلة 1010 أطنان في 2024. تتصدر غانا الإنتاج بإجمالي 141 طنًا، تليها مالي بـ100 طن ثم جنوب أفريقيا، تليها مناطق آسيا التي أنتجت 665 طنًا، ودول الكومنولث والدول المستقلة بـ584 طنًا، أمريكا الوسطى والجنوبية بـ519 طنًا، أمريكا الشمالية بـ500 طن، وأوقيانوسيا بـ346 طنًا.

مع استمرار ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، يبقى هذا المعدن حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي، حيث يحفز المزيد من عمليات التنقيب والاستثمار في هذا المجال. أظهر مسح لمجلس الذهب العالمي في 2025 أن 68% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطياتها من الذهب، ما يعزز دوره كأداة أساسية لتنويع الاحتياطيات. كما ساهمت الارتفاعات السعرية في رفع قيمة احتياطيات البنك المركزي الهندي من الذهب إلى أكثر من 100 مليار دولار.