أزمات متجددة.. فرنسا على صفيح سياسي ساخن تنبض بانقسام عميق حول موازنة 2026
فرنسا تعيش حالة انقسام سياسي حاد حول موازنة 2026، حيث بدأت مناقشات الجزء المتعلق بالإيرادات في الجمعية الوطنية وسط توتر سياسي غير مسبوق بين الحكومة والمعارضة والكتل المختلفة، ما يجعل ملف موازنة 2026 في قلب الصراع السياسي والاقتصادي.
حالة عدم الثقة داخل الأغلبية وتأثيرها على موازنة 2026
شهدت جلسات لجنة المالية رفضًا واسعًا لمشروع موازنة 2026، إذ لم يتلقَ النص سوى دعم نواب حزب النهضة، الذي يتبع للرئيس، بينما عارضته بقية الكتل سواءً من اليمين، اليسار، أو اليمين المتطرف. حتى الحلفاء التقليديون مثل حزب الوسط “مودم” وحزب آفاق امتنعوا عن التصويت، مما يدل على وجود أزمة ثقة عميقة داخل الائتلاف الحاكم بقيادة سيباستيان لوكورنو. ورغم تلك الانتكاسة، حاولت وزيرة الحسابات العامة أميلي دو مونشالان تخفيف الأجواء، مؤكدة حرص الحكومة على الدفع باتجاه نقاش حقيقي يتوج بتسوية، فيما دعا رئيس كتلة الوسط مارك فيزنو إلى تفادي الابتزاز السياسي والمهازل الإعلامية التي تعيق التوافق.
الاشتراكيون والضغط من أجل عدالة ضريبية في موازنة 2026
اليسار الاشتراكي يرفع سقف المطالبات حول موازنة 2026، حيث زاد حزب الاشتراكيين الضغط على الحكومة عبر تهديدهم بالقطيعة في حال عدم إدخال تعديلات جوهرية على المشروع بحلول الاثنين، وفقًا لتصريحات زعيم الحزب أوليفييه فور على قناة “بي.إف.إم”. وأكد فور ضرورة فرض ضرائب استثنائية على الأثرياء والتركات الكبرى لعدم تحميل المواطنين عبءًا إضافيًا، واضعًا شرط وجود إجراءات عدالة ضريبية حقيقية للاستمرار في النقاش، ما دفع رئيس الكتلة الاشتراكية في البرلمان بوريس فالّو إلى التلويح بإمكانية تقديم مذكرة حجب الثقة في حال تجاهل تلك المطالب.
- إثيوبيا تتوقع نمواً اقتصادياً يتجاوز 10% نتيجة مشاريع التنمية الكبرى وتنامي النهضة الاقتصادية
- خبير فرنسي يحذر من خطورة تمويل تعليق إصلاح التقاعد من موارد المتقاعدين، ويصفه بسابقة خطيرة
اليمين المتطرف يشكل تحديًا أمام إقرار موازنة 2026
زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان استغلت الجدل الدائر لمهاجمة الحكومة، مشيرة إلى أن موازنة 2026 تبدو كأنها مسرحية معدة سلفًا بين الحكومة والاشتراكيين، ورسمت المشهد بسخرية بأن الأخبار والنصوص معدّة حسب ما تريده الحكومة والمعارضة الاشتراكية، مما يشير إلى التوافق الضمني على حساب الطبقة الوسطى. واتهمت لوبان الحكومة بـ “قهر الطبقة الوسطى” عبر خفض المساعدات الاجتماعية، وأعلنت أن حزبها سيصوت ضد قانون المالية وضد موازنة الضمان الاجتماعي معًا، مما يعقد من فرص تمرير النص بسهولة.
تتزايد التعقيدات نحو إقرار موازنة 2026 في ظل انقسام البرلمان وعدم وجود أغلبية واضحة تسهل الموافقة على نص الموازنة، وقد تلجأ الحكومة إلى اللجوء للمادة 49.3 من الدستور لتمرير المشروع دون تصويت، خطوة قد تثير مزيدًا من الاضطراب في البرلمان. من جهة أخرى، عبر رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه عن استياء الغرفة العليا من تهميشها في مشاورات الموازنة، مؤكدًا أن المجلس ليس طرفًا ضعيفًا يمكن إهماله بسهولة.
تنطلق الجلسات الرسمية لمناقشة موازنة 2026 في الجمعية الوطنية، مع تصويت متوقع في الرابع من نوفمبر، وسط ضغوط متبادلة بين اليسار الذي يطالب بإنصاف ضريبي، واليمين الذي يهاجم العجز المالي، بينما تحاول الحكومة البحث عن حلول وسطى تحافظ على الاستقرار السياسي. يبدو أن الساحة السياسية الفرنسية مقبلة على فترة مليئة بالتوترات والصراعات المحتدمة حول مشروع الموازنة المنتظر.
