توقعات متفائلة.. الذهب سيواصل قفزاته مع تهافت البنوك المركزية وتحركات السوق العالمية

شهد سعر الذهب مؤخرًا ارتفاعًا قياسيًا ملحوظًا متأثرًا بزيادة الطلب العالمي عليه، خاصة من قبل المستثمرين الأفراد وصناديق المؤشرات والبنوك المركزية في الدول الناشئة مثل الصين وروسيا، حيث تتجه هذه الأطراف نحو تعزيز احتياطياتها الذهبية بشكل متزايد، مما يعكس التحولات الجذرية في سوق الذهب العالمية.

أسباب ارتفاع سعر الذهب وتأثيرها على الأسواق العالمية

يعود الارتفاع التاريخي في سعر الذهب إلى مجموعة من العوامل الجوهرية التي تحددها ممارسات المستثمرين والبنوك المركزية، لا سيما في الدول الناشئة التي تسعى إلى تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي. بحسب شارلز جاف، الخبير الاقتصادي الفرنسي ومؤسس Gavekal Research، فإن زيادة الطلب من الصين وروسيا على الذهب تعبر عن توجه جديد يُعرف بـ”نزع الدولرة”، حيث تهدف هذه الدول إلى تقليل اعتمادها على العملات الغربية عبر تحويل جزء كبير من احتياطياتها إلى المعدن الأصفر. كما أن صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالذهب لعبت دورًا بارزًا في تسهيل امتلاك الذهب وتداوله، ما رفع من إقبال المستثمرين الأفراد وزاد من ضغط الشراء على السوق.

الدور الجيوسياسي والاقتصادي في دفع سعر الذهب نحو القمة

تساهم التوترات السياسية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا في تسريع التحول نحو الذهب كملاذ آمن. فبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وبسبب العقوبات الغربية وقطع روسيا من نظام المدفوعات الدولي Swift، لجأ الكثير من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى الذهب لحماية أموالها من المخاطر السياسية المحتملة التي تأتي مع العملات الغربية. هذا الاتجاه ألحق ضغوطًا إضافية على سعر الذهب، خاصة مع المخاوف من ارتفاع الديون العالمية، واستمرار الشلل المالي في الولايات المتحدة، واحتمالية تعرض الاحتياطي الفيدرالي لضغوط سياسية قد ترفع التضخم مجددًا، وهو ما يجعل الذهب الملاذ التقليدي في أزمات مثل هذه.

توقعات مستقبل سعر الذهب وأثره على الاقتصاد العالمي

يتوقع الخبير الفرنسي استمرار ارتفاع سعر الذهب خلال العامين القادمين، مدفوعًا بالموجة المستمرة من الشراء من جانب البنوك المركزية والمستثمرين على حد سواء. تشير التوقعات إلى احتمال بلوغ سعر الأوقية 4900 دولار بحلول نهاية 2026، وفقًا لتقديرات بعض المؤسسات المالية الكبرى مثل غولدمان ساكس. هذا النهج لا يعكس فقط تغيرًا في التوازنات المالية العالمية، بل قد يُحدث تحولًا في نظام القوة الاقتصادية الدولية، خاصة بين الشرق والغرب. كما يستفيد المنتجون الرئيسيون مثل أستراليا من هذا الارتفاع، حيث من المتوقع أن تتجاوز صادرات الذهب لديها صادرات الغاز الطبيعي المسال، لتصبح ثاني أكبر مصدر بعد خام الحديد.

العامل التأثير على سعر الذهب
نزع الدولرة في الدول الناشئة زيادة الطلب على الذهب كاحتياطي نقدي
صناديق الاستثمار المتداولة (ETF) تسهيل امتلاك الذهب وزيادة الإقبال من المستثمرين الأفراد
العقوبات الغربية على روسيا توجيه الدول نحو الذهب كملاذ آمن بديل
المخاوف الاقتصادية العالمية ارتفاع الحالة التضخمية وإقبال المستثمرين على الذهب

يعتبر هذا الارتفاع في سعر الذهب انعكاسًا لعمليات اقتصادية وسياسية تراكمية تمتد لسنوات، إذ تجاوز الطلب المتزايد على أدوات الذهب الاستثمارية سهولة الحصول عليه، وأتاح نطاقًا أوسع للمستثمرين، مما دفع الذهب إلى مستويات قياسية لم يكن من المتوقع تخطيها بهذه السرعة. كما تسير الدول الكبرى في الأسواق الناشئة بخطى واثقة لدعم احتياطياتها من الذهب، متخلية جزئيًا عن الاعتماد على العملات ذات المصداقية المشكوك فيها في ظل الأزمات السياسية، وهو ما يسهم في جعل الذهب حجر الزاوية في الاستقرار المالي الإقليمي والعالمي.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.