أزمة سيولة حادة .. بنوك غزة تعيد اعتماد ممارسات المقايضة لمواجهة نقص الأموال

البنوك في غزة تواجه أزمة سيولة حادة تعيد ظهور ممارسات المقايضة

تنتشر أزمة نقص السيولة النقدية في بنوك غزة، مما يجعل السكان غير قادرين على إنفاق أموالهم، رغم إعادة فتح البنوك بعد وقف إطلاق النار، بسبب إجراءات تشديد الحصار الإسرائيلي التي منعت دخول النقد وتحولت المعاملات إلى شكل محدود ومرهق

نقص السيولة في بنوك غزة يعيق حركة الأسواق والمعاملات اليومية

عادت البنوك في قطاع غزة لاستقبال المودعين والعملاء في 16 أكتوبر/تشرين الأول، بعد ستة أيام من إعلان وقف إطلاق النار، لكنها لم تستطع توفير السيولة النقدية اللازمة للمعاملات، وسط أضرار بالغة طالت العديد منها خلال الحرب التي استمرت عامين وقضت على مبانٍ تعليمية وإدارية كغيرها من المرافق. ومع الاصطفاف الطويل أمام أبواب البنوك، خرج معظم المنتظرين بخيبة أمل كبرى لعدم توفر النقود، والتي تعد ضرورية للتسوق ودفع الفواتير اليومية؛ إذ فرض الاحتلال قيوداً على تحويل الأموال والأوراق النقدية إلى القطاع، مما تسبب في تعطيل عجلة الاقتصاد وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان. ويتحدث وائل أبو فارس، أحد المتضررين، عن صعوبة إنجاز المعاملات التي أصبحت ورقية فقط بدون أي قدرة على السحب أو الإيداع، ما أدى إلى تفاقم الاعتماد على النقد في ظل غياب البدائل الفعلية في ظل الحصار.

الرسوم المرتفعة على التحويلات توضح أبعاد أزمة السيولة في بنوك غزة

يبين محمد أبو جياب، الخبير الاقتصادي في غزة، الكم الهائل من المعاملات الإلكترونية التي تتم داخل البنوك لكنها تفتقر إلى عمليات السحب والإيداع الفعليّة، مما يجبر السكان على اللجوء للتجار غير النظاميين الذين يفرضون عمولات باهظة قد تصل إلى 40% على بعض العمليات المالية؛ ما يزيد من معاناة المواطنين ويضع عبئًا إضافيًا على مواردهم المحدودة. إيمان الجعبري، أم لسبعة أطفال، تعبر عن حجم الإحباط في التعامل اليومي مع البنوك، حيث باتت المعاملات التي كانت تأخذ ساعات قليلة تمتد لأيام، مع زيادة الأسعار التي تجعل الأموال المستلمة قليلة الفاعلية في السوق؛ فتزداد الضغوط المعيشية ويصبح من الصعب تلبية الاحتياجات الأساسية.

التحديات الاقتصادية تدفع بسكان غزة لاعتماد ممارسات اقتصادية بديلة

في ظل محدودية النقد، ولجأ كثير من الفلسطينيين إلى إيجاد طرق بديلة لكسب قوت اليوم، من بينها أعمال بسيطة مثل ترميم الأوراق المالية التالفة. منال السعيدي تستغل مهاراتها في إصلاح الأوراق النقدية لتوفير مبالغ بسيطة تمكنها من شراء أساسيات البيت رغم محدودية الدخل. كذلك، يعتمد البعض على التحويلات الإلكترونية عبر تطبيقات الهواتف، إلا أن العديد من البائعين يفرضون رسومًا إضافية على هذه العمليات، مما يزيد التكلفة على المستهلكين. في ظل هذا الواقع، تعيد الكثير من العائلات إلى الاعتماد على التبادل التجاري المباشر والمقايضة لتلبية احتياجاتهم مع تراجع توافر النقد. وأشار التاجر سمير النمروطي إلى أنه لا يهتم بشكل الورقة النقدية بل برقمها التسلسلي، ما يعكس عمق أزمة العملة النقدية في القطاع.

العامل التفاصيل
تاريخ فتح البنوك 16 أكتوبر 2023
مدة وقف إطلاق النار قبل افتتاح البنوك 6 أيام
نسبة العمولة التي يفرضها بعض التجار 20% إلى 40%
عدد أطفال وائل أبو فارس 6 أبناء
عدد أطفال إيمان الجعبري 7 أطفال

تعكس أزمة السيولة في بنوك غزة واقعًا معقدًا تتداخل فيه الخطوط بين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وهشاشة القدرة على توفير أبسط مقومات الحياة، لتبقى المقايضة والعمل غير الرسميان بمثابة أدوات لا غنى عنها لتجاوز جزء من الأزمة. في ظل استمرار هذا الوضع بدون بوادر واضحة لحل مشكلة إدخال النقد، تبقى حياة الفلسطينيين في القطاع معلقة بين الحاجة الملحة للسيولة وقيود الحصار والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وسوم:

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.