رحلة لا تُنسى .. من «موكب المومياوات الملكية» إلى «المتحف المصري الكبير» بإبداع هشام نزيهم

تُعد موسيقى افتتاح المتحف المصري الكبير توقيعًا فنيًا يعكس عبقرية هشام نزيه، الذي استحوذ على اهتمام مصر والعالم بأجوائه الموسيقية الفريدة التي توحد بين التراث الأصيل واللمسات العصرية. منذ الطفولة، احتضن نزيه عالم النغمات التي تسري في دمه، مما جعله من أبرز الموسيقيين العرب الذين ينطقون الموسيقى بلغة مصرية عالمية.

البدايات الموسيقية لهشام نزيه وتكوين اللغة الفنية

وُلد هشام نزيه في 23 أكتوبر 1972 داخل عائلة تعشق الموسيقى، حيث ترسخت ألحان الراديو وأصوات الشوارع في يومياته، مما شكّل بيئته الفنية منذ الصغر؛ رغم مطالبة عائلته بالحصول على شهادة جامعية، فقد التحق بكلية الهندسة وتخرج، لكنه لم يبتعد لحظة عن شغفه بالموسيقى التي كانت تلاحقه. تلك التجربة الأولى وضعت أساسًا لفهم هشام العميق لأبعاد الموسيقى وترابطها مع الحياة اليومية، الأمر الذي جعله قادرًا على ابتكار أسلوب يمزج بين التراث المصري والتجريب العصري، ليُصبح صوته علامة مميزة يعكس الهوية الوطنية بصورة معاصرة.

رحلة هشام نزيه من التجربة الذاتية إلى التفرد الموسيقي

لم يكن مسار هشام نزيه تقليديًا في التعليم الموسيقي، فعبر الممارسة المستمرة والانصات الحاد تمكّن من بناء طريقه الخاص؛ واجه تحديات كثيرة لكنه استغلها لاكتشاف أصالته الفنية، متشبثًا بفكرة أن الموسيقى ليست حلولًا رياضية بل تعبير عن المشاعر. استعمل هشام فلسفة الإبداع الحر، التي منحته قدرة على تجاوز القواعد التقليدية؛ وبذلك شكل أسلوبه الخاص الذي طبع مسارات السينما والدراما في مصر بصمته التي جعلته مطلوبًا لتنصيب موسيقى افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي يُعد حدثًا ثقافيًا عالميًا يبرز عظمة الحضارة المصرية.

الإبداع الموسيقي في السينما والدراما وتألق هشام نزيه على الساحة العالمية

تشمل قائمة أعمال هشام نزيه الموسيقية أفلامًا بارزة مثل “هيستيريا”، “الساحر”، “السلم والثعبان”، “تيتو”، إلى جانب مسلسل “شربات لوز” و”العهد”، حيث تداخلت ألحانه مع النصوص لتبرز المشاعر الدرامية قبل التلفظ بالكلمة. امتدت إنجازاته عالميًا من خلال دوره في موسيقى مسلسل “Moon Knight” لشركة Marvel، الذي رُشح لجائزة “إيمي” كموسيقى تصويرية متميزة، وهو نشاط أكسبه فرصة جديدة لاستكشاف أبعاد موسيقية غير مألوفة عبر تعاوناته مع الشركة في المسلسلات المتحركة مثل “عيون واكاندا”. كما حظي بإشادات وتكريمات منها عضوية أكاديمية فنون وعلوم السينما الأمريكية وجائزة فاتن حمامة للتميز، مما يؤكد تأثيره المستمر وقدرته على التعبير عن الروح المصرية بصوت عالمي.

بعد فترة مليئة بالإنجازات، وصل هشام إلى قمة تأثيره الفني مع موكب المومياوات الملكية عام 2021، حيث عبرت ألحانه عن فخر واعتزاز المصريين بحضارتهم، مما زاد من قوة حضوره في افتتاح المتحف. يؤمن هشام نزيه بأن الموسيقى مسؤولية ورسالة، ويختار أعماله بعناية لضمان صدق التعبير يسبق الإلهام، لأن الموسيقى ليست مجرد لحظة، بل هي انعكاس حقيقي يجسد الصورة التي يريد المشاهد أن يراها ويشعر بها.