استقرار فرنسا المالي.. تحذير خبير اقتصادي من خطر أزمة ثقة أوروبية مفاجئة
يشير خبير اقتصادي فرنسي إلى أن استقرار فرنسا المالي الحالي يحمل هدوءًا مؤقتًا يغطي على مخاطر حقيقية قد تؤدي إلى أزمة ثقة أوروبية عميقة. هذا الهدوء ليس تعبيرًا عن ثقة مطلقة في اقتصاد فرنسا، بل هو نتاج تنظيمي يجعل السندات السيادية من الأصول المقدسة داخل النظام المالي الأوروبي، مما يمنح فرنسا حصانة مؤقتة رغم تراجع تصنيفها الائتماني.
كيف يؤثر التنظيم الأوروبي على استقرار فرنسا المالي ومخاطر السوق
بالرغم من التخفيضات المتكررة في التصنيف الائتماني لفرنسا خلال الأشهر الأخيرة، تظل الدولة تُعامل لدى البنوك وشركات التأمين الأوروبية كمقترض آمن، إذ إن القواعد التنظيمية الأوروبية تمنع هذه الجهات من تحميل رأس مال مقابل مخاطر التخلف عن السداد لفرنسا طالما الديون مقوّمة بالعملة الوطنية. الأمر الذي يحول دون ظهور صدمات مالية فورية عند خفض التصنيف، ويجعل الأسواق تبدو مستقرة حتى الآن. لكن هذه الحماية التنظيمية تولد هدوءً اصطناعيًا يبعد المستثمرين عن إدراك المخاطر الحقيقية، وقد يؤدي إلى أزمة ثقة حادة إذا ما تغيرت المعطيات فجأة، ويشبه ذلك ما حدث في أزمة اليونان سابقًا.
تأثير تراجع التصنيف الائتماني على الثقة واستقرار النظام المالي الأوروبي
في سبتمبر 2023، قامت وكالة فيتش بخفض التصنيف الائتماني لفرنسا من AA- إلى A+، تلاها خفض مماثل من وكالة ستاندرد آند بورز؛ ورغم ذلك لم يظهر نوع من الاضطراب في الأسواق المالية، حيث استمر مؤشر CAC 40 في الارتفاع وفوارق السندات بقيت مستقرة. ومع ذلك، يؤكد الخبير الفرنسي جان لوك دوفور أن هذا السلوك لا يعكس ثقة حقيقية، بل هو ناتج من بنية النظام المالي الأوروبي التي تعتبر الديون السيادية أصولًا لا تحمل مخاطر ائتمانية حقيقية. ومع ذلك، فإن فقدان الثقة في قدرة فرنسا على إدارة عجزها المالي قد يُحدث تأثيرًا مدمرًا على النظام الأوروبي بأكمله بسبب اعتماد النظام على فرضية عدم التخلف عن السداد.
الآليات التنظيمية الأوروبية ودورها في حماية استقرار فرنسا المالي
تستند التصنيفات المالية في أوروبا إلى نظام احتساب درجات الجودة الائتمانية (CQS) الذي يدمج عدة تصنيفات ضمن مستويات موحدة، وتتبع قاعدة استبعاد أقصى وأدنى التقييمات واعتماد المتوسط. لذا، رغم التخفيضات في التصنيفات التقليدية، تحافظ فرنسا على تصنيف CQS عالي الجودة (CQS1 أو CQS2)، مما يحفظ وضعها كدولة مُصدرة ذات جودة عالية من الناحية التنظيمية. هذا يمنع البنوك وشركات التأمين من تخصيص احتياطيات مالية إضافية لمواجهة مخاطر التعثر، وهو ما يجنب النظام المالي صدمات فورية لكنه يخلق خطرًا كامناً يتمثل في احتمال انفجار حاد لأزمة ثقة مفاجئة. إن استقرار النظام المالي الأوروبي يعتمد بالتالي على ثقة مطلقة في دول مثل فرنسا، وأي اهتزاز في هذه الثقة يهدد بكارثة مالية واسعة النطاق.
| الوكالة الائتمانية | تصنيف فرنسا قبل الخفض | تصنيف فرنسا بعد الخفض | تاريخ التراجع |
|---|---|---|---|
| فيتش | AA- | A+ | 12 سبتمبر 2023 |
| ستاندرد آند بورز | AA | AA- | 18 أكتوبر 2023 |
| موديز | AA- | تحت المراقبة السلبية | 24 أكتوبر 2023 |
يتضح أن الاستقرار المالي لفرنسا المرتكز على قواعد تنظيمية أوروبية لا يعني غياب المخاطر، بل هو هدوء مؤقت يخفي خلفه احتمال انفجار أزمة ثقة تقلب المشهد الاقتصادي في أوروبا. يبقى السؤال الملح: متى سيصل النظام المالي الأوروبي إلى نقطة لا يستطيع فيها امتصاص المزيد من التدهور في وضع فرنسا المالي؟ هذه النقطة ستحمل تداعيات تتخطى حدود فرنسا لتطال الاستقرار الاقتصادي للاتحاد الأوروبي بأكمله.
