موضة إيطاليا المعاصرة.. هل تفقد الموضة الإيطالية روحها الحرفية الحصرية؟

تواجه صناعة الموضة الإيطالية تحديات كبيرة تهدد استمرار روحها الحرفية العريقة وسط تصاعد الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مع تراجع عدد الحرفيين الشباب الموهوبين الذين يواصلون التدريب التقليدي. هذا التحول يثير قلقًا حول مستقبل صناعة الموضة الإيطالية وصمودها في وجه المنتجات الأجنبية التي تستخدم علامة “صُنع في إيطاليا” بشكل مضلل.

كيفية الحفاظ على الحرفية في صناعة الموضة الإيطالية وسط التطور التكنولوجي

تُعتبر الحرفية اليدوية من أعمدة صناعة الموضة الإيطالية، خاصة في قطاعات الجلود، والصوف، وتصميم البدلات حسب الطلب، التي تتطلب مهارات ومثابرة على مدى سنوات طويلة من التدريب؛ إلا أن عزوف الشباب عن هذه المسارات المهنية بسبب طولها وصعوبتها هو أمر يقلق القطاع بشكل كبير، إذ يفضل الكثيرون الوظائف الأسرع أو المجالات التقنية التي توفر دخلاً أسرع وفرصًا أقل تعقيدًا. وفي مدن مثل نابولي، حيث ظلت ورش الخياطة التقليدية ترمز إلى إرث طويل، تواجه هذه الورش شكوكًا حول استمرارها نتيجة نقص العمالة الماهرة والخَلْف الذي يصعب إيجاده.

تأثير نقص الحرفيين واستخدام الذكاء الاصطناعي على مستقبل الموضة الإيطالية

جوزيبي وماسيميلانو أتوليني، من كبار مصممي الأزياء الإيطالية، يؤكدان أن صناعة بدلة يدوية بالكامل تتطلب وقتًا وجهدًا هائلين يصل إلى 33 ساعة عمل متواصلة؛ وهو ما يصعب إيجاده في الأجيال الجديدة الباحثة عن مسارات أسرع وأبسط. هذا الواقع يعكس أزمة أوسع تشمل مختلف ورش صناعة الجلود في توسكانا والورش الصوفية في بيدمونت، مع إعلان منظمة “كونفارتيجياناتو إمبريزي” عن إغلاق أكثر من 1000 شركة خلال عام 2025 نتيجة نقص اليد العاملة، مما أثر سلبًا على قيمة صناعة الموضة التي انخفضت من 104 مليارات يورو في 2023 إلى 90 مليارًا في 2024، مع احتمالات أن تتراجع إلى 80 مليارًا. إلى جانب ذلك، يواجه القطاع خطرًا من انتشار الذكاء الاصطناعي الذي يهدد الطابع الإنساني العاطفي للموضة الإيطالية، حيث يقلل من العلاقة الفريدة بين المصمم والعملاء.

استراتيجيات تعزيز شعار “صُنع في إيطاليا” وتأمين استدامة الصناعة الحرفية

شهد مؤتمر عقد في البندقية مناقشة جادة لرؤية مستقبلية تعيد تعريف مفهوم “صُنع في إيطاليا” عبر ضمان الشفافية في سلاسل التوريد ومراقبة صارمة لمنع دخول منتجات أجنبية أقل جودة تُسوّق تحت تلك العلامة؛ وهو ما يمثل أولوية استراتيجية لحماية الصناعة الإيطالية. يعمل اتحاد “فيديرمودا” ومنظمة “كونفينداستريا مودا” على تطوير منصة رقمية تتيح التحقق المفتوح من الشركات المنتجة، بالإضافة إلى وضع معايير بيئية موحدة تشرف عليها الغرفة الوطنية الإيطالية للموضة، مع اقتراح مشروع قانون يهدف إلى إنشاء شهادة تطابق وقاعدة بيانات توثق الالتزام بتلك المعايير. هذه الجهود تُسهم في تعزيز الحرفية الإيطالية وضمان استمراريتها وسط تحولات التكنولوجيا والظروف الاقتصادية المتغيرة.

العامل التأثير على صناعة الموضة الإيطالية
نقص الحرفيين إغلاق 1035 شركة في الربع الثاني من 2025 بسبب قلة اليد العاملة
القيمة السوقية تراجع من 104 مليارات إلى 90 مليار يورو بين 2023 و2024؛ متوقع أن تصل إلى 80 مليارًا
عدد ساعات تفصيل بدلة يدوية 33 ساعة عمل متواصلة
الاعتماد على التكنولوجيا يقلل من الطابع الإنساني والارتباط العاطفي بالمنتجات

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.