أزمة متصاعدة.. أمريكا تغرق في الديون وتقترب من الانهيار المالي الكامل

تتعمق أزمة الديون الأمريكية بشكل يثير القلق داخل الاقتصاد العالمي، حيث تقترب الولايات المتحدة من رقم صادم يزيد عن 38 تريليون دولار، ما ينعكس بشكل مباشر على ثقة الأسواق ومكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. هذا التصاعد المستمر في الدين العام يضع أكبر اقتصاد في العالم في موقع هش، وسط تحذيرات متزايدة من خسارة التصنيفات الائتمانية وقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية.

التحديات التي تواجه التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وسط أزمة الديون الأمريكية

في مايو 2023، شهد تصنيف الولايات المتحدة تراجعاً تاريخياً بعدما خفضت وكالة موديز التصنيف من “Aaa” إلى “Aa1″، مما يشير إلى تفاقم المشكلة المالية نتيجة الارتفاع المفرط لمستويات الدين وتكاليف الفائدة المرتفعة مقارنة بالدول ذات التصنيف المماثل، وهو ما يعكس عدم قدرة الإدارات الأمريكية المتعاقبة على السيطرة على العجز المالي السنوي المتزايد. لم تكن موديز الوحيدة التي تقلق، فوكالات فيتش وستاندرد آند بورز سبق أن أعربت عن مخاوفها عبر تخفيض تصنيفاتها، معربة عن قلقها جراء التأجيل المستمر لاتخاذ قرارات تقيد الإنفاق أو ترفع سقف الدين، وهو الأمر الذي يثير شبح خسارة الثقة العالمية في قدرة أمريكا على إدارة ديونها.

أسباب تعميق أزمة الديون الأمريكية رغم قوة الاقتصاد والدولار

تستدين الولايات المتحدة بفعل فجوة كبيرة بين الإنفاق والإيرادات، حيث يُغطي الاقتراض العجز المتنامي من المصاريف الضخمة في مجالات الرواتب، المعاشات، الدفاع، والدعم الاجتماعي، إضافة إلى فوائد الديون السابقة. هذا الوضع المزمن لا يعد مفاجئًا بحسب خبراء، الذين يشيرون إلى خروج الإنفاق الحكومي عن السيطرة وإصرار الإدارة على الاعتماد على أسواق الدين سبيلاً لسداد العجز. رغم وجود سقف للديون تم إنشاؤه منذ عام 1917، صار هذا السقف أداة شكليّة يتم رفعها باستمرار، فقد تم التعديل عليه 21 مرة منذ عام 2001 وحده. لكن قوة الدولار تسمح لأمريكا بتمويل عجزها بمرونة، حيث يظل الدولار رمز الأمان الأول في العالم، ما ينعكس على جاذبية سندات الخزانة الأمريكية رغم تخفيض التصنيف.

تداعيات ارتفاع حجم ديون أمريكا وخطرها على الاقتصاد العالمي

وصل الدين العام للولايات المتحدة إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 37.8 تريليون دولار في أكتوبر 2023، بزيادة يومية تقارب 20 مليار دولار، ويشارك في حملة هذه الديون دول كبرى مثل اليابان والصين والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر في سندات أمريكية كثيفة. يتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن ترتفع الديون إلى 54 تريليون دولار بحلول 2035 إذا استمر توجه الإنفاق الحالي. ذلك يُدخل الاقتصاد العالمي بنكهات توتر جديدة، فارتفاع تكلفة خدمة الدين يضع ضغوطًا على الحكومة للإنفاق على الفوائد بدلاً من الاستثمار في القطاعات الحيوية، في حين تتأثر أسعار الفائدة العالمية وتزداد مخاطر تقلبات الأسواق المالية، خصوصاً في الدول النامية التي تسعى للاقتراض بأسعار معقولة. وفي ظل اعتماد العالم على سندات الخزانة الأمريكية، فإن أي اهتزاز فيها قد يهدد استقرار النظام المالي الدولي.

الدولة مقدار الديون الأمريكية المحتفظ بها
اليابان 1.09 تريليون دولار
الصين 778 مليار دولار
المملكة المتحدة مليارات تتفاوت حسب الوقت
دول الاتحاد الأوروبي متفاوتة وتُقاس بملليارات

هذه الأزمة الاقتصادية ضخمة الأبعاد، وتستدعي مراقبة دقيقة لما ستؤول إليه السياسات الأمريكية المستقبلية، إذ أن استمرار الإنجراف نحو المزيد من الاقتراض من دون إصلاحات حقيقية قد يؤدي إلى انهيار تدريجي لقوة الدولار ومصداقية الولايات المتحدة على الصعيد المالي، مع تداعيات تمس الاقتصاد العالمي بأسره. تظل رؤية الوجه الحقيقي لأزمة ديون أمريكا تُلقي الضوء على هشاشتها رغم إمبراطوريتها المالية العريقة.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.