انهيار مفاجئ.. الفضة تختفي من الهند وتثير أزمة عالمية في أسواق المعادن

شهدت أسواق الفضة العالمية اضطراباً غير مسبوق في أكتوبر 2025، حيث تصاعد الطلب بشكل هائل خاصة في الهند، مما أدى إلى نقص كبير في مخزون الفضة عالمياً، وكان لذلك تأثير مباشر على الأسعار في لندن، مركز تحديد أسعار الفضة العالمية، في أزمة حقيقية لم يشهدها السوق منذ أربعة عقود.

الطلب الهندي على الفضة يتسبب في أزمة عالمية حادة

شهد موسم ديوالي زيادة غير متوقعة في الطلب الهندي على الفضة، الذي تحول فجأة من اختيار الذهب التقليدي إلى الفضة، مدفوعاً بحملة ترويجية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من الإقبال عليها؛ حيث أشار فيبين راينا، رئيس قسم التداول في أكبر مصفاة هندية للمعادن الثمينة، إلى نفاد مخزون الشركة لأول مرة في تاريخها بسبب الضغط الشديد على الفضة والعملات الفضية.
هذا التدفق الشرائي في الهند تزامن مع استثمارات ضخمة من صناديق تحوط ومستثمرين دوليين راهنوا على تراجع الدولار أو متابعين ارتفاع أسعار الفضة الحاد، ما أدى إلى تصاعد الأزمة وتفاقمها.
في هذا السياق، صرح أميت ميتال، المدير العام لشركة “M.D. Overseas Bullion”، بأن حجم الطلب على الفضة بلغ مستوى غير مسبوق، ما دفع العلاوات السعرية في الهند إلى آفاق غير مسبوقة، حيث تضاعفت قيمتها من سنتات معدودة إلى ما يزيد على خمسة دولارات للأونصة.

تداعيات ندرة عرض الفضة على سوق لندن العالمي

مع إغلاق الصين، المزود الرئيس للفضة، بسبب عطلة وطنية، توجه التجار الهنود إلى لندن الذي يُعد مركزاً رئيسياً لتجارة الفضة، لكن المفاجأة كانت انخفاض مخزونات الفضة المتاحة في خزائن لندن إلى مستويات خطيرة، إذ إن معظم المخزونات مملوكة لصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، مما أفرغ السوق من السيولة الفعلية للمادة.
وتحولت البنوك الكبرى في لندن إلى التراجع عن عروض الأسعار فيما أطلق العملاء صرخات استجداء لتأمين الفضة بسبب ندرة المعروض، حتى أن بعض المعاملات شهدت بيع الفضة بين المصارف بأسعار متباينة في لحظة واحدة، مما يعكس حالة الفوضى والتوتر الشديد داخل السوق.
على وقع هذه التطورات، بلغت أسعار الفضة مستوى قياسياً عند 54 دولاراً للأونصة قبل أن تهوي فجأة بنسبة 6.7%، مؤشراً على مدى عدم استقرار السوق، في أسوأ أزمة منذ محاولة الأخوين هانت احتكار السوق قبل 45 عاماً.

أسباب تفاقم أزمة الفضة عالمياً وتأثيرات الطلب الصناعي والاستثماري

مشكلات سوق الفضة ليست محصورة بالطلب الهندي، بل تتعمق بفعل العجز المستمر بين العرض والطلب عالمياً، خاصة بعد خمسة أعوام من تجاوز الطلب على الفضة حجم المعروض من المنتجين والمعدن المعاد تدويره، وهو ما يعزى بشكل رئيسي إلى ازدهار صناعة الطاقة الشمسية التي تعتمد على الفضة في تصنيع الخلايا الكهروضوئية.
يرى معهد الفضة أن الفجوة بين العرض والطلب بلغت نحو 678 مليون أونصة منذ عام 2021، بينما المخزونات العالمية بدأت في الانخفاض بشكل ملموس، مع تآكل مخزون لندن الذي كان يبلغ 1.1 مليار أونصة في بداية عام 2021.
على صعيد آخر، أدت المخاوف من فرض رسوم جمركية أميركية على الفضة إلى تسريع شحنات المعدن إلى مستودعات نيويورك، في محاولة لتجنب الضرائب، بينما قاد هذا التوتر موجة استثمارية ضخمة في المعادن الثمينة، حيث شهدت صناديق المؤشرات المتداولة تدفقاً لأكثر من 100 مليون أونصة من الفضة.
هذا التحرك الاستثماري تزامن مع ارتفاع الذهب الذي تخطى حاجز 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، ونتج عنه استنزاف مخزونات الفضة في لندن، مما أدى إلى انخفاض كمية الفضة المتاحة للتداول الحر إلى أقل من 150 مليون أونصة خلال أوائل أكتوبر، وهو ما يفاقم حالة الذعر داخل الأسواق.

العام حجم الفضة المتداولة يومياً (المليون أونصة) مخزون لندن (المليون أونصة) أحداث رئيسية
2021 250 1100 زيادة الطلب الصناعي المتسارع
أوائل 2025 250 أقل من 150 انخفاض حاد في المخزون مع ضغوط الرسوم الأميركية
أكتوبر 2025 250 أقل من 150 أزمة نقص المعروض وهبوط مفاجئ للأسعار

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.