تحولات غير مسبوقة.. ميزانية فرنسا 2026 تهز المشهد السياسي والاقتصادي بخيارات جديدة جريئة
تتجلى أهمية مشروع ميزانية فرنسا 2026 في تحالفات غير مسبوقة تهز المشهد السياسي والاقتصادي بوجهات نظر متباينة تؤثر على قدرة البرلمان في تمرير هذه الميزانية داخل الأطر المحددة، مما يفتح الباب أمام احتمال تأجيل مناقشة الإيرادات المالية حتى منتصف نوفمبر الجاري.
تحديات تمرير ميزانية فرنسا 2026 والتحالفات السياسية الجديدة
عاد البرلمان الفرنسي لاستئناف مناقشة مشروع ميزانية فرنسا 2026، لكن المداولات تواجه عقبات واضحة في إتمام جزء الإيرادات ضمن المهلة المحددة، إذ يُتوقع تعليق مناقشة ميزانية الضمان الاجتماعي حتى 13 نوفمبر لفحص القضايا المالية المستعصية؛ فتقرير صحيفة لوموند يشير إلى تباين حاد بين نص الحكومة الأصلي والتعديلات التي طرأت بعد عشر أيام من الجدل، ما يعكس تحولات في المشهد السياسي على نحو غير مسبوق. ويؤكد الخبير الاقتصادي كريستوف بارود أن تحالفات غير تقليدية، خصوصًا بين اليسار واليمين المتطرف، تشكل عامل ضغط على الحكومة، وكانت سابقًا مستحيلة، لكن الآن هي أداة لفرض ضرائب جديدة تهدف أكثر إلى محاسبة الحكومة منها لتحسين المالية العامة.
الآثار الاقتصادية لضغوط الضرائب في ميزانية فرنسا 2026
يرى كريستوف بارود أن رفع الضرائب سيكون له أثر مزدوج؛ فمن جهة قد يزيد الإيرادات على الورق، لكن من جهة أخرى يضع اقتصاد البلاد في خطر جدي نتيجة احتمالية هروب رؤوس الأموال، خصوصًا في ظل وجود فرنسا ضمن الدول ذات أعلى ضغط ضريبي في أوروبا، مما سيؤثر سلبًا على بيئة الاستثمار ويهدد النمو والتوظيف المستدام. يضيف بارود أن الصراعات السياسية حول الميزانية تجعلها ساحة لتسجيل النقاط الانتخابية بدلاً من تخطيط اقتصادي جدي، مما ينذر بميزانية ضعيفة تعجز عن إيجاد توافق، متبوعة بأزمة ثقة قد ترفع تكاليف الاقتراض، رغم عدم وجود تهديد مباشر للانهيار الاقتصادي.
الضغوط الضريبية وتحالفات البرلمان على مشروع ميزانية فرنسا 2026
توتر النقاشات دفع الحكومة إلى التخلي عن اللجوء للمادة الدستورية 49.3، مما أدى إلى انفجار التعديلات المفاجئة التي قلبت موازين الميزانية؛ تجاوز حجم الإيرادات الضريبية التقديرية 40 مليار يورو بفضل تحالفات غير مسبوقة بين أحزاب اليسار المتشدد والتجمع الوطني من أقصى اليمين. فرضت ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات وصلت إلى 26 مليار يورو، إضافة إلى ضريبة على الأرباح الفائقة، كما شكل تحالف غير متوقع بين حزب الوسط والحزب الاشتراكي والتجمع الوطني فرض ضرائب على الثروة غير المنتجة، التي تعتبر أكثر صرامة من ضريبة الثروة العقارية الحالية. تحذر وزيرة الحسابات العامة من “انفجار” الضرائب الإلزامية التي قد تصل إلى 45.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ أوروبا الحديثة.
| الضريبة | الحجم المتوقع للإيرادات | الأطراف الداعمة |
|---|---|---|
| ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات | 26 مليار يورو | اليسار المتشدد وحزب التجمع الوطني |
| ضريبة على الأرباح الفائقة | غير محدد | التحالف النيابي |
| ضريبة على الثروة غير المنتجة | غير معروف | حزب الوسط والاشتراكي والتجمع الوطني |
| إجمالي الضرائب الإلزامية | 45.1% من الناتج المحلي الإجمالي | الحكومة ومجلس النواب |
كما لم تقتصر الانتقادات على تداعيات الضرائب، إذ يرى وزير الاقتصاد أن هذه الإجراءات لا تتجاوز كونها “سحرًا ضريبيًا” محدود المدى، بينما يحقق الحزب الاشتراكي انتصارات جزئية كإلغاء تجميد المعاشات والدعم الاجتماعي بعد تعثر فرض “ضريبة زوكمان”، ولكن الطريق أمام المصادقة النهائية لا يخلو من العراقيل، خاصةً في مجلس الشيوخ الذي يتحكم فيه حزب الجمهوريين الرافض لزيادة الضرائب أو التوسع في الإنفاق. النقاش حول تعليق إصلاح التقاعد سيقود بلا شك إلى توترات سياسية جديدة في الأسابيع المقبِلة، وهذا يعكس تدهور التوافق السياسي بشأن ميزانية فرنسا 2026 ويحتاج إلى حلول وسطى بعيدة عن أي انتصار فئوي.
مفاوضات أجراها رئيس الوزراء خلف الكواليس تهدف إلى تخفيف حدة الانقسامات السياسية وجعل ميزانية فرنسا 2026 قابلة للتمرير برغم عدم مثالية المعايير الاقتصادية، ويبدو أن هذه الخطوة لا بد منها للحفاظ على استقرار البلاد السياسي والاقتصادي خلال العام المقبل.
